فلسفة الزي النسائي في الإسلام

تعد فلسفة الزي النسائي في الإسلام فلسفة شديدة التميز والرقي .. فمسألة الزي هي أبرز مطلب شرعي يطالب الإسلام المرأة بالتزامه , لستر مفاتنها وإبرازها في مظهر يحمل على الإحترام ويوحي بالوقار والطهر, وهذا المطلب من الأهمية بحيث لايمكن الجدل بشأنه, غير أنه ليس المطلب الوحيد الذي يطالب الإسلام به المرأة..

فالدعوة للتمسك بالزي الإسلامي ليست دعوة شكلية ظاهرية, و الإسلام لا يرى في لباس المرأة الشرعي" غلافا" خارجيا للجسد ..مجردا عن أي قيمة أخلاقية أو إنسانية.. بل يجعل منه" كساءا " و "سترا" للجسد يمثل مجموع القيم والمبادئ التي تحملها ثقافة الإسلام..ويرمز إلى إهتداء الإنسان بهدي القيم في سلوكه..

ويأتي الأمر الإلهي بستر جسد المرأة ضمن اهتمام الإسلام بالبعد الروحي ..وسعيه إلى تأسيس علاقة منطقية بين القيمة الروحية و الحقيقة "البيولوجية" في تكوين المرأة. علاقة تشيد ب " إنسانية" المرأة وتفتح أمامها جميع الأبواب ..لكنها تتريث كثيرا أمام " أنوثة " المرأة وتنظم لها قنوات المرور ..لأن الإسلام لا يريد أن تتحول المرأة من "إنسان "إلى مجرد " أنثى" تثير الرجل ..فأبعد ما يريده الإسلام أن أن تختزل قيمة المرأة في جسدها.. ..

و يعتقد البعض بأن على المرأة في الإسلام أن ترتدي الزي الإسلامي لكونها رذيلة أو بقعة سوداء ينبغي إخفاؤها, لسد المنافذ التي تطل وتهب منها فتنة المرأة ..وهو اعتقاد بئيس يلقي بظلاله الخانقة على مفهوم الستر الشرعي.. ويجعل منه إهانة عظيمة للمرأة والرجل معا ...بينما يرفض الإسلام المستنير تلك الرؤية التي لا ترى المرأة إلا " قنبلة جنسية" يتوجب الحذر منها ..والتحوط في التعامل معها .. ويعامل المرأة على اعتبار إنسانيتها وفاعليتها في المجتمع لا من زاوية كونها امرأة وحسب..!!

ومن الجهة الأخرى لا يرى البعض في ارتداء النساء للزي الشرعي أية قيمة أخلاقية ويعدونه ارتدادا ورجعية .. كونه لا يتناسب مع الواقع ويتعارض مع حرية المرأة ومساواتها بالرجل ..و البعض يترفق قليلا ويرى أنه مجرد موروث اجتماعي وثقافي ..لا يختلف عن "الساري" زي المرأة الهندية الذي لا يعبر عن قناعة دينية أو أخلاقية لديها ..حيث ترتديه النساء في الهند مع اختلاف عقائدهن و الطوائف التي ينتمين إليها.. من الهندوسية أو البوذية أو طائفة السيخ.

و من جهة ثالثة يدافع البعض عن وجوب ارتداء الستر الشرعي وحتمية إلزام النساء به..دون أن يبدوا أي مبرر لتلك الضرورة سوى كونه أمرا إلهيا ويرون أن قيمته في كونه من قبل الالتزام بطاعة الله فقط .. ولا يجدون ضرورة عقلية أو لإيمانية تدعوهم للبحث وراء قيمة أو معنى هذا الالتزام .. وهي رؤية إيمانية نقدرها وننحني أمام قدسيتها ..غير أنها رؤية ذاتية لا يتعدى مفعولها حدود المؤمنين بها ..و لا تتمتع بالكفاءة اللازمة لإقناع الآخرين .. وينبغي أن تتزود بالقدرة على تلبية احتياجات العقل وليس النفس الايمانية فحسب

حقا إنها لحقيقة محزنة أن تضيع القيمة العظيمة للزي المرأة الإسلامي بين التأويل المغلوط والمحدود للمؤيدين لتستر المرأة .. وبين الاستهجان الكامل للمنتفعون من تكشف المرأة.. الذين يعدون أي منفعة لستر المرأة " منفعة زائفة " لا قيمة لها إلا في رؤوس المؤمنين بها... غير أن المفارقة تكمن في أن هذه القيمة المساء فهما عند المؤمنين بوجودها و المعدومة عند المنكرين لها.. تبرز بوضوح إذا تأملنا, بأسلوب معاصر وعقل حديث, القيمة السيكولوجية(النفسية) والاجتماعية..والأبعا د الإنسانية والروحية لهذا الفرض الإلهي..بل والقيمة الجمالية والأنثوية وغير ذلك من قيم ومعاني غابت عن الرصد..

و يمثل اقناع المرأة المسلمة بتلك الرؤية المستنيرة الخطوة الأولى التي يجب أن نخوضها بجرأة وثقة حتى تكتسب المرأة المسلمة "مناعة" ضد همسات وهمهمات المغرضين ..و تعود إلى أصالتها واعتزازها بعفافها وكرامتها الإنسانية .. وتبقى مع ذلك مزهوة كل الزهو لكونها الأنثى الأكثر روعة وبهاء!!