رؤية - الفارس
|
عندما يكون الانتظار بحجم الحدث فمن المؤكد أن عملاً يحمل اسم محمد عبده يستحق الانتظار الطويل، وهو الفنان الكبير الذي أصدر آخر أعماله الموسيقية مع (روتانا) وحملت الأغنية الأجمل (الهوى الغائب) اسم الإصدار، وكم كان محمد عبده عادلاً وهو يقتني من أعمال الرواد في عالم الكلمة أجمل الكلمات وأعذبها على الإطلاق.البساطة عندما تكون عنواناً لأي عمل كان فالنتيجة القبول من الطرف الآخر، وهو الذي ارتضاه أبو نورة لأغنيته العذبة (الهوى الغائب) فتعجز قواميس اللغة أن تجد إلا البساطة في الكلمات العذبة والتي صاغها الفيصل في عمل لا يكفي أن يقال عنه سوى أنه تركيبة من المفردات الجميلة رُسمت كرسالة عذبة (إليها) حتى تكون في عالم (الدراية) عن الحال الذي كان عليه (هو) لتصبح الأمور في (يدها) فهو الذي بدأ الرسالة ب:
|
إذا التقينا يوم.. ولا عرفتيني |
فلا عليك لوم.. شاب الزمن فيني
|
فكانت ترجمة حقيقية لواقع الغياب الذي امتد لفترة ليست بالقصيرة الذي لا يحمل في طياته سوى العذر (لها) بنسيان (معالمه) جرّاء الغياب..
|
وتبدأ رحلة التعريف التي لابد منها حتى تأخذ المعرفة حقها من الألم.
|
أنا الهوى الغايب
|
أنا اللي كان.. ذاك الزمان وقت ومكان |
أنا اللي كان.. في نظرة عيونك حنان
|
عندما تبحث في قواميس الحب والرقة فلن تجد أعذب من لغة (الفيصل) فلك أن تبحث أيضا في التفاصيل القديمة فتجده الوطن وتجده أجمل لحظات العمر، وهنا يكفي أن تقف لبرهة من الوقت حتى تسحب لنَفَسك شهيقاً طويلاً لا يقل طوله عن زفير حار جراء الذكرى التي تأخذك إلى الماضي الجميل في صورته البهية في الوقت الذي تعيش في عالم النسيان
|
ومضة في عتمات المسا.. |
فرحة فؤادي اللي نسى
|
بسمة صباحك.. |
دمعة جراحك
|
خاطر عبر مرة في حياتك |
ويتواصل التذكير بالماضي الحنون ويكفي وأنت تستمع إلى نفحات فنان العرب وهو يقف عند (ومضة) و(فرحة) لتستمع إلى الأداء الذي يعايش كلمات الأغنية بكل الجوارح ويعيشها حرفاً حرفاً لتكتمل أطراف النجاح الذي يجده المستمع بشكل اعتاد عليه في فن فنان العرب, وما أجملها من تشبيهات اختارها الفيصل في هذه الرائعة التي تجعلنا نعيش الرسالة بكامل فصولها كما هي حتى لتظن أن جميع المستمعين يحاكون نفس التصور.
|
ليلة عشتها عمري.. لموعد انتهى بدري |
رسمت أحلام.. وعشت أيام
|
وغنيت الهوى أنغام |
وكنت الهوى للقلب.. وكنت الوطن للحب
|
ولو غيرت وجهي مسافات السنين |
ما تختفي في العين نظرات الحنين
|
أنا الهوى الغايب |
الليالي كثيرة تحاكيها أجمل اللحظات وتعيش فيها الذكريات ولكن الفيصل اختار تلك الليلة التي تكونت فيها كل أماني العمر وأحلى العبارات والأحلام فكانت رسومات عاشها الخيال مع المحب في الماضي الجميل والذي انتظر كثيرا حتى يترحم لها من خلالها الذكرى الجميلة (للهوى الغايب) ويأتي التأكيد الأجمل في لوحة السنين الطوال المتتالية التي لا تغير من معالم الحب في هيكله الناصع في قلب الهاوي والذي يبرهن أن الحب والحنين لا يتغير مهما جرفت سيول السنين مجرى العشاق.
|
ياللي تركتيني.. وخاواني الغياب |
رحتي ونسيتيني.. وتذكريني العذاب
|
عندما صدح بها محمد عبده والذي اختار لها الموضع الأجمل والأداء الأميز والذي عانقها بحنجرته الذهبية فتركت الأثر الكبير للمستمع في إحساسه لواقعة الحب الحاضر في رسالة الفيصل، ترجمة جميلة للحال الذي كانت عليه قصة الغياب وما نتج عنها في كلمات قليلة عكست واقع النهاية.
|
سارت بي الأيام في غربة حياة |
لا طريق امشيه أو أعرف مداه
|
زحمة وجوه وعابرين |
لا روح فيها أو حنين
|
ولا شبه منك ف عيون الناظرين |
وهنا تبلور لامتداد القصة فكانت الرحلة على مر الأيام بين الغربة والوحدة والضياع، والطريق إلى المجهول وسط تعدد الوجوه العابرة الميتة الإحساس التي لا تحمل في نظراتها جمالية كجمالية وجهها الذي اعتاد عليه، وهنا تقف الجمالية شامخة وهي التي ارتكز عليها اللحن الجميل لفنان العرب فكان سرداً مميزاً في طرحه قلما تجد المخارج الجميلة التي تتعامل معه إلا بصوته.
|
جيتك على غفلة زمن |
هيّا قبل يصحى الزمن
|
انهي عذبات الشجن |
أنا الهوى الغايب..
|
وكون الزمن وحكم القدر عادة هو المسؤول في نظرة العشاق عن كل الخيبات التي يمرون بها فاللقاء المتجدد في نظرة الهاوي جاء على غفلة منه أو بمعنى أصح غفوة منه أتت كفرصة سانحة تحتاج إلى يقظة وإصرار لإعادة الماضي الجميل.
|
-ومضة على بعد خطوتين من الهوى الغايب-
|
أنا مقدر أكون إني حبيبك في بعض أحوال.. |
أنا كلي أجي والا أروح بعزتي كلي |